TH Darimi

اذكياء ١

اذكياء ١

30-07-2021
Share this Article

image

الأذكياء ١ بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الموفق للعلى حمدا يوافي بره المتكاملا ثم الصلاة على الرسول المصطفى والآل مع صحب وتباع ولا تقوى الاله مدار كل سعادة وتباع أهوى رأس شر حبائلا (تقوى الإلاه) التقوى هي امتثال أوامره واجتناب نواهيه (مدار) ما يدور عليه. النقطة المركزية. المراد هنا الأصل والأساس (وتباع) مصدر تابع أي الإتباع (أهوى) جمع هوى (حبائلا) جمع حبالة بكسر الحاء المراد هنا وساوس الشيطان ومكائده. الخلاصة: إن تقوى الله هي أصل كل سعادة كما أن إتباع الهوى هو رأس الشرور والقبائح الشيطانية. إن الطريق شريعة وطريقة وحقيقة فاسمع لها ما مثلا (إن الطريق) أي الطريق الموصل إلى الله تعالى (لها) للأمور الثلاثة المذكورة (ما مثلا) فعل ماض مبني للمجهول. الخلاصة: إن الطريق الموصل إلى الله تعالى ثلاث وهي الشريعة والطريقة والحقيقة. فشريعة كسفينة وطريقة كالبحر ثم حقيقة در غلا (فشريعة) مبتدأ جاز الإبتداء بها لأنه للتفصيل كما أن سبب الإبتداء بقوله وطريقة وبوحقيقة مع أنهما أيضا نكرتان ما أريد بها من التفصيل والتقسيم (كسفينة) أي مثله كمثل سفينة (در) لؤلؤ (غلا) فعل ماض أي غال. الخلاصة: أن الشريعة مثل السفينة في أنها مركب لازم للوصول إلى المقصد والطريقة مثل البحر في أنها محل أخفي فيه المقصد والحقيقة مثل اللؤلؤ الذي هو المقصد فلا بد من ركوب السفينة واجتياز البحر للوصول إلى اللؤلؤ الغالي. فشريعة أخذ بدين الخالق وقيامه بالأمر والنهي انجلا (أخذ) يعني القيام به (وقيامه) أي امتثاله (بالأمر) أي بما أمر الله به (انجلا) أي انكشف واتضح والجملة حال من كل من الأمر والنهي أو صفة لهما. الخلاصة: الشريعة التزام دين الله بإمتثال المأمورات واجتناب المنهيات. وطريقة أخذ بأحوط كالورع وعزيمة كرياضة متبتلا (بأحوط) أصلح وهومجرور بالفتحة لأنه غير منصرف للوصفية ووزن الفعل. (كالورع) الورع ترك الشبهات أو ترك الحلال مخافة الحرام. (وعزيمة) قوة نفسانية لإحتمال الشدائد، معطوف على بأحوط. (كرياضة) أي تذليل النفس بتقليل الأكل والشرب والنوم (متبتلا) منقطعا إلى الله. الخلاصة: الطريقة هي التزام الورع بالعزيمة والرياضة وغيرها. وحقيقة لوصوله للمقصد ومشاهد نور التجلى بانجلا (لوصوله) بفتح اللام لأنه لام التأكيد (للمقصد) بكسر الصاد مصدر ميمي أريد به اسم المفعول معناه المكان المقصود (ومشاهد) بالرفع معطوفا على لوصوله ، المشاهدة الرؤية. (التجلي) قال الإمام الغزالي التجلي هو ما ينكشف للقلب من أنوار الغيب. (بانجلا) أي بالإنجلاء والإنكشاف التام. الخلاصة: الحقيقة هي الوصول إلى معرفة الله التي هي المقصود المهم من حياة الإنسان حتى يقدر أن يشاهد بقلبه نور التجلي. من رام درا في السفينة يركب ويغوص بحرا ثم درا حصلا (رام) أراد وطلب (في السفينة) أي عليه أن يركب السفينة (ويغوص) أي يعوم إلى الماء (حصلا) فعل ماض والألف للسجع. الخلاصة: على الذي يريد الحصول على الحقيقة المشبهة بالدر فيما مضى أن يركب سفينة الشريعة ويغوص في بحر الطريقة. وكذا الطريقة والحقيقة يا أخي من غيرفعل شريعة لن تحصلا (من غير فعل) أي بدون التزام الشريعة (لن تحصلا) الضمير عائد إلى الطريقة والحقيقة. الخلاصة: أن الطريقة والحقيقة لا تحصلان من غير التزام الشريعة لأنها هي الأصل والمقدم. فعليه تزيين لظاهره الجلي بشريعة لينور قلب مجتلى (فعليه) أي على السالك (تزيين) تحسين (لظاهره) أي ظاهر أقواله وأفعاله وكذالك بدنه وكل ما يمثل ظاهره (الجلي) الواضح (مجتلى) منظور إليه وقيل معناه مرفوع ، صفة قلب أو حال منه. وتزول عنه ظلمة كي يمكنا لطريقة في قلبه أن ينزلا (وتزول عنه) معطوف على قوله لينور (ظلمة) أي ظلمة المعاصي (كي يمكنا) معطوف على قوله لينور أيضا ، والألف للسجع (أن تنزلا) الألف للسجع. الخلاصة: فعلى أن الطريقة والحقيقة لا تحصلان إلا بالشريعة على السالك أن يزين ظاهره كاملا بالشريعة لينور قلبه وتزول عنه ظلمة المعاصي ومن ثم أن تنزل في قلبه الطريقة. ولكل واحدهم طريق من طرق يختاره فيكون من ذا واصلا (واحدهم) من المشائخ والأولياء (طريق) مسلك (من طرق) جمع طريق. لكثرة الطرق الموصلة إلى الله (فيكون) يصير (واصلا) إلى مرضات الله. الخلاصة: لكل واحد من المشائخ طريق خاص يختاره من الطرق المتعددة فيصل به إلى مرضات الله. كجلوسه بين الأنام مربيا وككثرة الأوراد كالصوم الصلاة (الأنام) أي الخلق (مربيا) حال من هاء جلوسه. التربية هي تنمية القلب شيئا فشيئا حتى يصير صالحا (الأوراد) الوظائف العملية التي يعتادها (الصلاة) أي والصلاة. وكخدمة للناس والحمل الحطب لتصدق بمحصل متمولا (الحطب) الأشجار والأغصان اليابسة (لتصدق) علة لحمل الحطب أي لأن يتصدق به على المحتاجين (بمحصل) بتشديد الصاد أي بثمنه (متمولا) حصولا مقابلا للمال. الخلاصة: طرق المشائخ والصالحين مختلفة ومتنوعة فمنهم من يجلس على تربية الناس ومنهم من يجلس على الأوراد والعبادات ومنهم من يخدم ويعين الناس بما يجدون عن طريق الإكتساب. من رام أن يسلك طريق الأولياء فاليحفظن هذا الوصايا عاملا (رام) طلب أو أراد (يسلك) يدخل (الأولياء) جمع ولي (هذي) أي هذه (الوصايا) جمع وصية وهي تسعة (عاملا) حال من يحفظن. الخلاصة: ومن كان يريد الوصول إلى طريق الأولياء فاليحفظ هذه الوصايا التسع التي يسردها في الابواب التالية. الفصل الثاني منها التوبة اطلب متابا بالندامة مقلعا # وبعزم ترك الذنب فيما استقبلا (متابا) أي توبةا معناه الرجوع (بالندامة) على ما وقع منه من المعاصي والإعتداءات (مقلعا) حال من فاعل اطلب أي تاركا تركا باتا (فيما استقبلا) في الزمان المستقبل. وبراءة من كل حق الآدمي # ولهذه الأركان فارع وكملا (وبراءة) بالجر معطوفا على بالندامة أي التخلي عن كل حق مادي أو معنوي للإنسان (الأركان) الثلاثة المذكورة (فارع) أمر حاضر من رعى، التزم (وكملا) مؤكد بالنون الخفيفة والتي انقلبت الفا. الخلاصة: ومن الوصايا التسع التوبة من الذنوب والمعاصي ولها شروط ثلاث الندامة على فعلها والإقلاع عنها حالا والعزم على ان لا يعود إليها. وقه دواما بالمحاسبة التي # تنهاك تقصير جرى وتساهلا (وقه) أمر حاضر من وقى والهاء مفعوله فمعناه احفظ المتاب (دواما) دائما (بالمحاسبة) المحاسبة النظر في الوارد والصادر حتى لا يقع في ورطة (تنهاك) تمنعك (تقصيرا) أي عن التقصير (جرى) وقع، أي التقصير الذي جرى (وتساهلا) التساهل اللا مبالاة. وبحفظ عين واللسان وسائرال # أعضا جميعا فاجهدن لا تكسلا (وبحفظ) معطوف على بالمحاسبة (عين) عن النظر المحرم (واللسان) عن الكلام المحرم (أعضا) أي الأعضاء حذفت الهمزة للضرورة (فاجهدن) كن جادا ومشمرا (لا تكسلا) أي لا تكسلن وقلبت النون الفا للضرورة. الخلاصة: بعد التوبة عليك ان تقي وتحفظ هذا المتاب دائما بالمحاسبة التي تنهيك عن التقصير والتساهل في المستقبل وبحفظ الجوارح فاجتهد فيها ولا تكن كسلانا. فالتوب مفتاح لكل طاعة # وأساس كل الخير أجمع أشملا (فالتوب) أي التوبة (وأساس) أي الأصل (أجمع) توكيد لكل الخير (أشملا) توكيد ثان لكل الخير ويجوز أن تكونا حالين. الخلاصة: التوبة مفتاح للطاعات حتى تقدر أن تؤديها وأساس كل خير دنيوي أو أخروي حتى تفوز به. فإن ابتليت بغفلة أو صحبة # في مجلس فتداركن مهرولا (فإن ابتليت) بالبناء للمجهول أي اضطررت (بغفلة) منك أي وقعت في معصية غافلا (أو صحبة) أي وقعت في معصية لأنك صاحبت جماعة أشرار (فتداركن) ما فات لك بالتوبة والرجوع (مهرولا) سريعا وبدون مهلة. الخلاصة: إذا امتحنت واضطررت إلى فعل شيئ من المحظورات غافلا أو مضطرا فتدارك التوبة عاجلا. ومنها القناعة واقنع بترك المشتهى والفاخر # من مطعم وملابس ومنازلا (واقنع) أمر من قنع، القناعة الرضاء بما حصل (المشتهى) ما تشتهيه النفس (والفاخر) ما تفتخر به النفس (وملابس) جمع ملبس (ومنازلا) جمع منزل وهو البيت والألف للسجع. الخلاصة: على طالب الآخرة أن يرضى بما قسم الله له من الأكل واللباس والبيت وسائر الأمور مما تشتهي وتأمل نفسه. من يطلبن ما ليس يعنيه فقد # فات الذي يعنيه من غير ائتلا (من يطلبن) مضارع مجزوم مؤكد بالنون الخفيفة (ليس يعنيه) أي الذي لا يهمه ولا تدعو إليه حاجة من الفضوليات كاللعب والهزل وما يخل بالمروءة (من غير ائتلا) من غير تقصير منه،يعني يفوت له ما يهمه وما يحتاج إليه طبيعةا من دون تقصير منه. الخلاصة: أن من يجتهد وسعى لنيل ما لا يعنيه يفوت له ما يعنيه حتى ولو بدون وقوع أي تقصير منه. ومنها الزهد وازهد وذا فقد علاقة قلبكا # بالمال لا فقد له تك أعقلا (وازهد) امر حاضر من زهد بكسر الهاء أي كن زاهدا، وحقيقة الزهد انصراف الرغبة عن الشيئ إلى ما هو خير منه (وذا) والزهد معناه (فقد) أي عدم (تك) فعل مضارع مجزوم جاء جوابا لفعل امر ازهد (أعقلا) يعني تكون أعقل الناس. الخلاصة: ازهد ف الدنيا الذي هو فقد علاقة قلبك بالأمور الدنيوية فتصير أعقل الناس. وهو لا يعني فقد المال ولكنه فقد العلاقة القلبية به. والزهد أحسن منصب بعد التقى # وبه ينال مقام ارباب العلى (منصب) مقام أو درجة (بعد التقى) أي بعد تقوى الله تعالى (أرباب) جمع رب بمعنى صاحب (العلى) جمع عال. الخلاصة: الزهد أحسن مقام بعد تقوى الله عز و جلا وبه ينال السالك مقام الأولياء والصالحين. ومحب دنيا قائل أن الطريق # أين الخلاص كمسكر شرب الطلا (قائل) خبر قوله ومحب (الطريق) الصحيح الموصل إلى المقصد (كمسكر)كسكران (الطلا) الخمر وأصله ما يطبخ من عصير العنب. الخلاصة: أن من لم يزهد في الدنيا بل هو محب لها يكون مثل سكران لا يتميز طريق الخلاص. واترك من الأزواج من ما ساعدت # في طاعة واختر عزوبا فاضلا (واترك) فعل امر من الترك (ما ساعدت) للقيام على الطريقة الصحيحة (عزوبا) بضم العين يعني ترك النكاح مخافة شر منها (فاضلا) صفة عزوبا. الخلاصة: اترك أيها المريد لطريق الآخرة الأزواج اللاتي لا تساعدك على طاعة الله، وفي هذه الحالة ترك النكاح أولى لك من معاشرة من لا تساعدك على طاعة الله. لسلامة الدنيا خصال أربع # غفر لجهل القوم منعك تجهلا (خصال) جمع خصلة (غفر) أي تجاوز (لجهل) أي إيذائهم الناشئ عن جهلهم (القوم) الناس (منعك) معطوف على غفر أي أن لا يقع منك (تجهلا) أي أن تجهل عليهم أي تستخف بهم بالشتم والإعتداء ونحوه من أفعال الجهلاء.

وتكون من سيب الأناس آيسا # ولسيب نفسك للأناس

باذلا (وتكون) فعل مضارع منصوب بأن مضمرة يعني الثالث أن تكون (من سيب) من عطياتهم (أناس) جمع انسي (آيسا) غير راغب فيه (باذلا) معطيا.

الخلاصة: هناك أربع خصال لسلامة الدنيا الأولى التجاوز عن جهل الناس والثانية أن لا تجهل عليهم بالأخذ بما فعله جهلا والثالثة القنوط عن أعطيات الناس والرابعة أن تبذل لهم أعطياتك.

ومنها تعليم الشرعي وتعلمن علما يصحح طاعة # وعقيدة و مزكي القلب اصقلا (وتعلمن) فعل أمر موكد بالنون الخفيفة (ومزكي القلب) أي ما يزكيه من الأخلاق الرديلة يعني علم التصوف (اصقلا) بضم القاف أي تنظف قلبيا.

هذي الثلاثة فرض عين فاعرفن # واعمل بها تحصل نجاة واعتلا (هذي) ها حرف تنبيه وذي اسم إشارة (الثلاثة) أي العلم الذي يصحح العبادة والعلم الذي يصحح العقيدة والعلم الذي يصحح يزكي القلب (فاعرفن) هذه العلوم (تحصل) جواب أمر (واعتلا) معطوف على نجاة أي علوا.

الخلاصة: على المريد الراغب في رضاء الله أن يتعلم العلم الذي يصحح الطاعة والعقيدة والذي يزكي القلب حتما لأنها من الفروض العينية.

ومنها المحافظة على السنن حافظ على سنن وآداب أتت # مأثورة عن خير من جا مرسلا (أتت) تلك السنن (وآداب) جمع أدب (مأثورة) حال من أتت أي مسندا (من جا) أي من جاء، حذفت الهمزة لضرورة البيت (مرسلا) وهو النبي صلى الله عليه وسلم.

الخلاصة: على السالك أن يحافظ على السنن والآداب التي جائت مسندا عن النبي صلى الله عليه وسلم.

إن التصوف كله لهو الأدب # ومن العوارف فاطلبنه وعولا (إن التصوف) أي علم التصوف والتصوف علم يهتم بتصفية القلوب (ومن العوارف) من كتاب عوارف المعارف للأمام السهروردي، وهو الإمام شهاب الدين أبو حفص السهروردي البغداي احد علماء أهل السنة والجماعة ومن أعلام التصوف في القرن السابع الهجري ولد بسهرورد من طبرستان سنة 539 من الهجرة وتوفي ببغداد سنة 632 من الهجرة. (وعولا) اعتمد عليه.

الخلاصة: علم التصوف كله يهتم بتعليم الأدب كما هو مذكور في كتاب عوارف المعارف للإمام السهروردي.

إذ لا دليل على الطريق إلى الإله # إلا متابعة الرسول المكملا (لا دليل) على الطريق الموصل إلى الله تعالى (المكملا) بضم الميم وسكون الكاف أي الذي يكمل أو بمعنى المكتمل.

في حاله وفعاله ومقاله # فتتبعن و تابعن لا تعدلا (في حاله) متعلق بمتابعة (وفعاله) بفتح الفاء مصدر ميمي معطوف على حاله (فتتبعن) فعل أمر موكد بالنون الثقيلة التتبع الإستقراء (وتابعن) أي ثم بعد التتبع اتبعه (لا تعدلا) أي لا تعدلن عنه صلى الله عليه وسلم.

الخلاصة: على السالك أن يحافظ على السنن والآداب التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم لأنه لا دليل على الطريق الإلاهي إلا متابعة النبي صلى الله عليه وسلم في سننه التي هي مجموعة أحواله وأقواله وأفعاله.

وطريق كل مشائخ قد قيدت # بكتاب ربي والحديث تأصلا (مشائخ) جمع شيخ وهي من الجموع الشاذة الخارجة عن القياس (قيدت) وصفت (تأصلا) أي حال كونهما أصلين.

الخلاصة: الطريق الصحيح لكل من المشائخ مرتب وموافق لكتاب الله وسنة نبيه.

طالع رياض الصالحين واحكمن # ما فيه تظفر بالسعادة واعملا (طالع) من المطالعة (رياض الصالحين) الكتاب الذي ألفه الإمام يحيى بن شرف محي الدين النووي رحمة الله عليه من الأحاديث الصحيحة المشتملة على الآداب والسنن. وهو الإمام المحدث والفقيه أبرز علماء الشافعية ولد بنوى من أعمال حوران الشامية سنة 631 من الهجرة وتوفي هناك أيضا سنة 676 من الهجرة. (واحكمن) أي اتقن (تظفر) جواب طالع (السعادة) النجاة والفلاح (واعملا) الألف منقلبة عن نون التوكيد الخفيفة.

الخلاصة: على أن متابعة الرسول هي الطريق الوحيد للوصول إلى الطريق الحق عليك أن تطالع كتاب رياض الصالحين للإمام النووي.

واهتم بالفرض الذي لا يقرب # من ذي العطاء بمثل ذالك اكملا (واهتم) قم باهتمام تام أي اعتن(من ذي العطاء) من الله (بمثل ذالك) أي بعمل مثل ذالك من غير الفروض (أكملا) صفة لمصدر مقدر من فعل اهتم أي اهتم به اهتماما أكمل من الإهتمام بغيره.

الخلاصة: اعتن أيها السالك بالفروض التي لا تقدر أن تقرب بها من الله بشيئ غيرها من الطاعات.

ما زال عبدي بالنوافل يقرب # حتى أكون له يدا والأرجلا (ما زال) أي لا يزال عبدي (بالنوافل) جمع نفل (يقرب) مني (والأرجلا) جمع رجل بكسر الراء.

والسمع منه ثم عين باصرة # أي مثل ذالك في المطالب هرولا (باصرة) التي يستعان بها لأن يبصر (في المطالب) في حاجات الإنسان (هرولا) فعل ماض بمعنى أسرع في مقام الحال أي مثل هذه الأعضاء التي تسرع في قضاء مطالب الإنسان.

الخلاصة: لا يزال العبد يقترب من الله لما يقوم بالنوافل. وإذا اقترب منه كذالك يكون الله قريبا منه حتى يكون كأعضائه التي تسرع له في قضاء مطالب وحوائج حياته.

ومنها التوكل وتوكلن متجردا في رزقكا # ثقة بوعد الرب أكرم مفضلا (متجردا) حال كونك منفردا ليس عليك أن تعيل أحدا (ثقة) مفعول لأجله لتوكلن أو حال له أي توكلن لأجل الثقة أو حال كونك واثقا بوعد الله (بوعد الرب) أنه يرزقهم (أكرم) صفة للرب (مفضلا) صفة ثان للرب وهو اسم فاعل من أفضل بمعنى أحسن.

الخلاصة: توكل أيها السالك على الله في شأن رزقك واثقا بوعده.

أما المعيل فلا يجوز قعوده # عن مكسب لعياله متوكلا (أما المعيل) ضد المتجرد المذكور وهو من عليه نفقة غيره من عياله (قعوده) أي القعود عن العمل والتكسب (مكسب) عن كسب يكتسب به (متوكلا) في شأن رزقهم من دون سعي.

الخلاصة: المعيل الذي عليه نفقة غيره لا يجوز له القعود متوكلا كالمتجرد بل عليه أن يسعى لرزقهم.

لا تبذلن للناس عرضك طامعا # في مالهم أو جاههم متذللا (لا تبذلن) لا تعطين (عرضك) قيمة قلبك التي هي الشرف النفساني (متذللا) خاضعا لهم راغبا فيما عندهم.

الخلاصة: لا تجعل عرضك ممتهنا لأبناء الدنيا طامعا في لديهم من المال أو الجاه. يعني عليك أن تحفظ عرضك عند الناس لما تطمع فيما لديهم من المال والجاه.

ومنها الإخلاص اخلص وذا أن لا تريد بطاعة # إلا التقرب من الهك ذي الكلا (اخلص) الإخلاص أن لا تعبد إلا الله وتستقيم فيها بغض النظر عن كل فائدة إلا منه تعالى (ذي) صاحب (الكلا) الحفظ.

الخلاصة: أيها السالك إلى طريق الله اخلص في طاعتك والإخلاص أن لا تريد بطاعتك إلا التقرب إلى الله الحفيظ.

لا تقصدن معه الى غرض الدنا # كثنائهم أو نحو ذاك توصلا (معه) أي مع التقرب (غرض) مطلوب (الدنا) الدنيا (كثنائهم) مدح الناس (أو نحو ذالك) من الأغراض الدنيوية (توصلا) مفعول لا تقصدن أي لا تقصد توصلا إلى غرض دنيوي.

الخلاصة: لا تقصد أيها السالك بالتقرب من الله غرضا من أغراض الدنيا.

واحذر رياءا محبطا لعبادة # وانظر إلى نظر العليم فتكملا (واحذر) اجتنب (رياءا) الرياء فعل العبادة بقصد اطلاع الناس عليها طمعا في غرض دنيوي منهم (محبطا) أي مبطلا ثوابها (وانظر) اقصد (العليم) الله (فتكملا) أي تصير من الكاملين العارفين.

الخلاصة: عليك أيها السالك إلى طريق الله أن تجتنب من الرياء الذي يحبط ثواب طاعتك وركز في نظر الله.

لا تظهرن فضيلة كي تعتقد # لا تبرزن لينكروك رذائلا (فضيلة) أي طاعة أو خيرا (كي تعتقد) أنك فاضل (لا تبرزن) أي لا تظهرن الأفعال السيئة (لينكروك) لأجل أن ينكروا ويستخفوا بك (رذائلا) جمع رذيلة وهي الأفعال السيئة والضاربة للمروءة.

الخلاصة: لا تظهر أيها السالك أعمالك الحسنة لأجل أن يعتقد الناس أنك فاضل وكذالك لا تظهر أفعالك السيئة لأجل أن تكون مستخفا في نظرتهم.

إيمان مرء لا يكون تكاملا # حتى يرى ناسا بإبل مثلا (مرء) رجل (تكاملا) فعل ماض والفاعل عائد إلى قوله إيمان والجملة خبر لا تكون أي لا يكون كاملا (مثلا) بالبناء للمجهول يعني حتى يرى ناسا مثل بإبل.

فيكون مدحهم وذمهم سواء # لم يخش لومة لائم في ذي العلا (فيكون) يعني إذا رأيتهم كإبل فيكون مدحهم (سواء) في عدم المبالاة (ذي العلا) في شأن الله.

الخلاصة: أن إيمان المرء لا يكون كاملا حتى يرى الناس والإبل سواءا في عدم منفعة إيجابهم أو سلبهم وفي هذه الحالة يقدر أن لا يخشى لومة لائم في الله.

عمل لأجل الناس شرك تركه # للناس ذاك هو الرياء سبهللا (لأجل الناس) طالبا منفعة منهم (تركه) أي ترك العمل (سبهللا) لا في شيئ دنوي أو أخروي، وفي القاموس جاء سبهللا أي محتالا غير مكترث ويمشي سبهللا أي جاء وذهب في غير شيئ.

الخلاصة: العمل لأجل الناس شرك وتركه لأجل الناس رياء لا يرجع عليهما نفع دنيوي أو أخروي.

لا تطلبن عند المهيمن منزلة # إن كنت تطلب عند ناس منزلا (لاتطلبن) فعل مضارع مجزوم موكد بالنون الخفيفة (المهيمن) الشاهد الذي يشهد على كل نفس والعالم الذي لا يغيب عنه شيئ (منزلا) أي مرتبة، المنزلة والمنزل بمعنى واحد كما في الصحاح.

الخلاصة: إذا كنت تطلب عند الناس منزلة وتسعى لها فلا تطلبها عند الله فاترك الموضوع لله وهو الوهاب.

ومنها العزلة

لا تصحبن من كان اهل بطالة # وتساهل في الدين ذاك هو البلا (لا تصحبن) أيها السالك إلى طريق الله (بطالة) تعطل (تساهل) عدم المبالاة (في الدين) متعلق بتساهل (البلا) البلاء والمصيبة. الخلاصة: لا تصحب أهل البطالة والتساهل لأن مصحبتهم بلاء ومصيبة من الله.

والعزلة الأولى إذا فسد الزمن # أو خاف من فتن بدين مبتلى (والعزلة) أي الإعتزال عن الناس (إذا فسد الزمن) بكثرة المعاصي (فتن) جمع فتنة (بدين) أي في الدين (مبتلى) مصدر بمعنى ابتلاءا يعني إذا خاف ابتلاءا من فتن واقعة في الدين.

وكذا إذا خاف الوقوع بشبهة # أو في حرام أو لذاك مماثلا (وكذا) العزلة أولى (بشبهة) أي في أمر ملتبس بين الحرام والحلال (أو لذاك مماثلا) أو أمرا مماثلا لذلك.

الخلاصة: العزلة أولى في أربعة مواضع وهي الأول إذا فسد الزمان بكثرة المعاصي والثاني إذا خاف بظهوره بين الخلق من فتنة للدين والثالث إذا خاف الوقوع في شبهة والرابع إذا خاف الوقوع في حرام بين.

والإختلاط بناسنا في جمعهم # وجماعة أو نحو ذالك فضلا (والإختلاط) أي مصاحبة الناس (في جمعهم) في في مجمعهم كالجمعة (فضلا) بالبناء للمجهول يعني هذا النوع من الإختلاط مفضل.

الخلاصة: أن الإختلاط بالناس في الجمع والجماعات وسائر مشاهد الخير أفضل على العزلة تروجا لها.

هذا لمن بالعرف يقدر يأمر # وعن المناكر قد نهى متحملا (هذا) هذا النوع من الإختلاط (يأمر) أي جائز لمن يأمر بالمعروف (المناكر) جمع منكر (قد نهى) أي ولمن ينهى عن المنكر (متحملا) حال من يأمر أي صابرا محتسبا.

صبرا على كل الأذى لا يغلب # في ظنه عصيانه بمحاقلا (صبرا) مفعول مطلق لفعل محذوف أي بصبر صبرا أو معطوف على متحملا وبتأويله اسم الفاعل (لا يغلب) أي هذا أيضا لمن لا يغلب على ظنه (بمحاقلا) في مجالس الناس مفرده محقل كمجلس.

الخلاصة: أن الإختلاط بالناس مفضل لمن يقوم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولمن يغلب في ظنه أن مجلسه الذي يريد أن يخالط الناس ليس فيه عصيان ظاهر.

لكن يقول البعض من متأخرى ال # فضلاء عزلة ذي الزمان مفضلا (البعض) من المشائخ (الفضلاء) جمع فاضل (ذي الزمان) الذي قلما يجد مجلسا خاليا عن العصيان (مفضلا) خبر يكون مقدرة.

إذ نادر حقا خلو محافل # عن حوبة فانظر لنفسك عاقلا (إذ) لأنه (نادر) قليل جدا (محافل) جمع محفل مكان يجتمع فيه الناس (حوبة) معصية أو خطيئة (فانظر لنفسك) ما لها فيه صلاح (عاقلا) حال من أنظر.

كل المعاصي كالربا وكغيبة # أو نحو ذالك باختلاطك حصلا (المعاصي) جمع معصية (حصلا) بالبناء للمفعول والجملة خبر المبتدأ والألف للسجع.

الخلاصة: لما ذكر أن الإختلاط لأجل الخير مفضلة على العزلة استدرك وقال أن بعض الفضلاء من المتأخرين يفضلون العزلة في هذا الزمان لأن المجالس الخالية عن العصيان نادرة في هذا الزمان. وأغلبية المعاصي تنشأ من الإختلاط.

ومنها حفظ الأوقات

واصرف إلى الطاعات وقتك كله # لا تتركن وقتا سدى متساهلا (واصرف) أيها السالك إلى طريق الخير (كله) توكيد لوقتك (سدى) عبثا مهملا (متساهلا) حال من فاعل لاتتركن أي غير مبال بها. الخلاصة: وزع أوقاتك كلها على أنواع العبادات ولا تجعل شيئا منها مهملا عنها.

وتصير أوقات المباح بنية # مصروفة في الخير فاصح بلا ائتلا (المباح) أي الأوقات المصروفة إلى الأفعال المباحات كالأكل والشرب (بنية) أي بنية التقوي على خير كالأكل بنية التقوي على العبادة (مصروفة) خبر تصير (فاصح) أمر من صحا يصحوا يعني كن صاحيا أي متنبها (بلا ائتلا) بدون تقصير. الخلاصة: لما ينصح بصرف الأوقات كلها ألى الطاعات فلسائل أن يسأل عن الأوقات التي يصرفها الإنسان ضروريا للأفعال المباحة كالأكل والشرب فأن هذه الأوقات أيضا يقدر الإنسان أن يصيرها أيضا طاعة بملازمة نية يستعين بها على طاعة.

وزع بعون الله وقتك واصرفن # كلا بما هو لائق متبتلا (وزع) اقسم وفرق (كلا) منه مفعول واصرفن (لائق) مناسب لذالك الوقت (متبتلا) أي منقطعا إلى الله. الخلاصة: عليك أن توزع أوقاتك كلها لما هو مناسب ولائق بها.

فإذا بدا فجر فصل تخشعا # متدبرا لقراءة و مكملا (بدا) أي ظهر (فجر) الصادق (تخشعا) مع خشة القلب في الله والخشية الإقبال بالقلب (متدبرا) متفكرا على سبيل الإعتبار لما تتلوه في الصلاة (ومكملا) لها بأتيان جميع السنن والآداب. الخلاصة: شروع في بيان قضاء يوم للمؤمن وهو أولا صلاة الفجر بكامل الخشوع و التدبر.

واجهد لتحضر في صلاتك قلبكا # جهدا بليغا كي تنال فضائلا (واجهد) أي ا جتهد وابذل الجهد (لتحضر) أي لتحضير قلبك (بليغا) شديدا (كي) مصدرية (تنال) تحصل على (فضائلا) جمع فضيلة.