Thoughts & Arts
Image

جولة في أخبار أصحاب الرس

2025-01-24

Web Design

15 Comments

جولة في أخبار أصحاب الرس



ورد مجيء ( الرس ) مرتين في القرآن الكريم ، قال عز وجل : { وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا } [الفرقان/٣٨] { كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ } [ق/١٢]



وقد اختلف المفسرون في المراد بأهل الرس ، ففيهم من قالوا إنهم قوم جاءهم نبيهم ولكنهم قتلوه بالرس، وهو البئر، أي حفروا بئراً ودفنوه فيه ، هذا قول، والقول الثاني: أصحاب الرس ،أي أنهم قومٌ كانوا يعيشون حول ماءٍ أي الرس.



الطبري



قال ابن عباس: سألت كعباً عن أصحاب الرس قال: صاحب يس الذي قال: ﴿وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ﴾ [يس:20] قتله قومه ورسوه في بئر لهم يقال لها الرس طرحوه فيها. وكذا قال مقاتل. وقال علي: هم قوم كانوا يعبدون شجرة صنوبر فدعا عليهم نبيهم، وكان من ولد يهوذا، فيبست الشجرة فقتلوه ورسوه في البئر، فأظلتهم سحابة سوداء فأحرقتهم. وقال وهب بن منبه: كانوا أهل بئر يقعدون عليها وأصحاب مواشي، وكانوا يعبدون الأصنام، فأرسل الله إليهم شعيباً فكذبوه وآذوه، وتمادوا على كفرهم وطغيانهم، فبينما هم حول البئر في منازلهم انهارت بهم وبديارهم، فخسف الله بهم فهلكوا جميعاً. وروي عن ابن عباس أنهم أهل قرية من قرى ثمود. وروي عنه أيضا: الرس بئر بأذربيجان وسموا أصحاب الرس لأنهم رسوا نبيهم في البئر، أي قتلوه ودفنوه في البئر على ما قاله عكرمة.



عند الشيعة:



فروي في علل الشرائع و عيون الأخبار بإسناده إلى الهروي عن الرضا عن آبائه عن الحسين بن علي عليه السلام قال أبي: سأل علي بن أبي طالب عليه السلام قبل مقتله بثلاثة أيام رجل من أشراف تميم يقال له عمرو: يا أمير المؤمنين أخبرني عن أصحاب الرس في أي عصر كانوا و أين كانت منازلهم و من كان ملكهم و هل بعث الله عز و جل إليهم رسولا و بما ذا أهلكوا؟



فقال عليه السلام: لقد سألت عن حديث ما سألني عنه أحد قبلك و لا يحدثك أحد بعدي إلا عني و ما في كتاب الله عز و جل آية إلا و أنا أعرف بتفسيرها و في أي مكان نزلت من سهل أو جبل و في أي وقت من ليل أو نهار و إن هاهنا لعلما جما و أشار إلى صدره و لكن طلابه قليل و عن قليل يندمون لو فقدوني.



كان من قصتهم يا أخا تميم: أنهم كانوا يعبدون شجرة صنوبر يقال لها شاهدرخت كان يافث بن نوح غرسها على شفير عين يقال لها روشناآب و إنما سموا أصحاب الرس لأنهم رسوا نبيهم في الأرض و ذلك بعد سليمان عليه السلام و كانت لهم اثنتا عشرة قرية على شاطئ نهر يقال له الرس من بلاد المشرق و بهم سمي النهر و لم يكن يومئذ في الأرض نهر أغزر منه و لا أعذب منه و لا قرى أكثر و لا أعمر منها و ذكر عليه السلام أسماءها و كان أعظم مدائنهم إسفندار و هي التي ينزلها ملكهم و كان يسمى تركوذ بن غابور بن يارش بن ساذن بن نمرود بن كنعان فرعون إبراهيم عليه السلام و بها العين الصنوبرة و قد غرسوا في كل قرية منها حبة من طلع تلك الصنوبرة و أجروا إليها نهرا من العين التي عند الصنوبرة فنبتت الحبة و صارت شجرة عظيمة و حرموا ماء العين و الأنهار فلا يشربون منها و لا أنعامهم و من فعل ذلك قتلوه و يقولون هو حياة آلهتنا فلا ينبغي لأحد أن ينقص من حياتنا و يشربون هم و أنعامهم من نهر الرس الذي عليه قراهم و قد جعلوا في كل شهر من السنة في كل قرية عيدا يجتمع إليه أهلها فيضربون على الشجرة التي بها كلة من حرير فيها من أنواع الصور ثم يأتون بشاة و بقر فيذبحونها قربانا للشجرة و يشعلون فيها النيران بالحطب فإذا سطع دخان تلك الذبائح و قتارها في الهواء و حال بينهم و بين النظر إلى السماء خروا سجدا يبكون و يتضرعون إليها أن ترضى عنهم فكان الشيطان يجي‏ء فيحرك أغصانها و يصيح من ساقها صياح الصبي أن قد رضيت عنكم عبادي فطيبوا نفسا و قروا عينا فيرفعون رءوسهم عند ذلك و يشربون الخمر و يضربون بالمعازف و يأخذون الدست بند يعني الصنج فيكونون على ذلك يومهم و ليلتهم ثم ينصرفون و سمت العجم شهورها اشتقاقا من تلك القرى حتى إذا كان عيد قريتهم العظمى اجتمع إليها صغيرهم و كبيرهم فضربوا عند الصنوبرة و العين سرادقا من ديباج عليه من أنواع الصور و جعلوا له اثني عشر بابا كل باب لأهل قرية منهم و يسجدون للصنوبرة خارجا من السرادق و يقربون لها الذبائح أضعاف ما قربوا للشجرة التي في قراهم فيجي‏ء إبليس عند ذلك فيحرك الصنوبرة تحريكا شديدا و يتكلم من جوفها كلاما جهوريا و يعدهم و يمنيهم بأكثر مما وعدتهم و منتهم الشياطين كلها فيحركون رءوسهم من السجود و بهم من الفرح و النشاط ما لا يفيقون و لا يتكلمون من الشرب و العزف فيكونون على ذلك اثني عشر يوما و لياليها بعدد أعيادهم سائر السنة ثم ينصرفون فلما طال كفرهم بالله عز و جل و عبادتهم غيره بعث الله نبيا من بني إسرائيل من ولد يهودا بن يعقوب فلبث فيهم زمانا طويلا يدعوهم إلى عبادة الله عز و جل و معرفة ربوبيته فلا يتبعونه فلما رأى شدة تماديهم في الغي و حضر عيد قريتهم العظمى قال يا رب إن عبادك أبوا إلا تكذيبي و غدوا يعبدون شجرة لا تضر و لا تنفع فأيبس شجرهم أجمع و أرهم قدرتك و سلطانك فأصبح القوم و قد أيبس شجرهم كله فهالهم ذلك فصاروا فرقتين فرقة قالت سحر آلهتكم هذا الرجل الذي زعم أنه رسول رب السماء و الأرض إليكم ليصرف وجوهكم عن آلهتكم إلى إلهه و فرقة قالت لا بل غضبت آلهتكم حين رأت هذا الرجل يعيبها و يدعوكم إلى عبادة غيرها فحجبت حسنها و بهاءها لكي تغضبوا لها فتنتصروا منه و أجمع رأيهم على قتله فاتخذوا أنابيب طوالا مثل البرابخ و نزحوا ما فيها من الماء ثم حفروا في قرارها بئرا ضيقة المدخل عميقة و أرسلوا فيها نبيهم.



و ألقموا فاها بصخرة عظيمة ثم أخرجوا الأنابيب من الماء و قالوا نرجو الآن أن ترضى عنا آلهتنا إذا رأت أنا قد قتلنا من يقع فيها و يصد عن عبادتها و دفناه تحت كبيرها يتشفى منه فيعود لنا نورها و نضرتها كما كان فبقوا عامة يومهم يسمعون أنين نبيهم عليه السلام و هو يقول سيدي قد ترى ضيق مكاني و شدة كربي فارحم ضعف ركني و قلة حيلتي و عجل بقبض روحي و لا تؤخر إجابة دعوتي حتى مات فقال الله جل جلاله لجبرئيل عليه السلام يظن عبادي هؤلاء الذين غرهم حلمي و آمنوا مكري و عبدوا غيري و قتلوا رسولي أن يقوموا لغضبي أو يخرجوا من سلطاني كيف و أنا المنتقم ممن عصاني و لم يخش عقابي و إني حلفت بعزتي لأجعلنهم نكالا و عبرة للعالمين فلم يرعهم و هم في عيدهم ذلك إلا بريح عاصف شديد الحمرة فتحيروا فيها و ذعروا منها و تضام بعضهم إلى بعض ثم صارت الأرض من تحتهم حجر كبريت يتوقد و أظلتهم سحابة سوداء فألقت عليهم كالقبة جمرا يلتهب فذابت أبدانهم كما يذوب الرصاص بالنار فنعوذ بالله تعالى من غضبه و نزول نقمته و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم. (راجع تفسير الميزان 15/237)



حنظلة بن صفوان



وجود نبي باسم حنظلة بن صفوان، وأنه هو الرسول إلى أصحاب الرس، الوارد ذكرهم في قوله تعالى: وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا الفرقان/38، وقوله تعالى: كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ ق/12، قد ذكر هذا الأمر ابن عساكر، ونقله من غير إسناد، حيث قال رحمه الله تعالى:



" قال الرازي: وقال أبو القاسم عبيد الله بن عبد الله بن خرداذبة في "كتاب التاريخ" وحكاه عن غيره: أن أصحاب الرس كانوا بحضور ـ وحُضور: قرية من قرى زَبيد، في اليمن ـ فبعث الله إليهم نبيا يقال له ‌حنظلة ‌بن ‌صفوان فكذبوه وقتلوه " انتهى من "تاريخ دمشق" (1/12).



وذكره أيضا السهيلي في "الروض الأنف" من غير إسناد يثبته، حيث قال رحمه الله تعالى: " وكذلك أهل عدن، قتلوا نبيا أرسل إليهم اسمه: ‌حنظلة ‌بن ‌صفوان، فكانت سطوة الله بالعرب لذلك نعوذ بالله من غضبه وأليم عقابه " انتهى من "الروض الأنف" (1/73).



وممن ذكره من المفسرين: الثعلبي في "تفسيره" (18/382) (19/413)، والبغوي (5/391) (6/84). وينظر أيضا: "موسوعة التفسير بالمأثور" (15/176) (16/96).



وقد ضعّف ابن كثير هذا القول قال رحمه الله تعالى: "والأشبه أنه كان رجلا صالحا، له أحوال وكرامات؛ فإنه إن كان في زمن الفترة، فقد ثبت في "صحيح البخاري": عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( إن أولى الناس بعيسى ابن مريم أنا ؛ لأنه ليس بيني وبينه نبي). وإن كان قبلها، فلا يمكن أن يكون نبيا؛ لأن الله تعالى قال: (لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ).



وقد قال غير واحد من العلماء: إن الله تعالى لم يبعث بعد إسماعيل نبيا في العرب، إلا محمدا صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء، الذي دعا به ابراهيم الخليل باني الكعبة المكرمة التي جعلها الله قبلة لأهل الأرض شرعا، وبشرت به الأنبياء لقومهم حتى كان آخر من بشر به عيسى ابن مريم عليه السلام، وبهذا المسلك بعينه يرد ما ذكره السهيلي وغيره من إرسال نبي من العرب يقال له: شعيب بن ذي مهذم بن شعيب بن صفوان صاحب مدين، وبعث إلى العرب أيضا ‌حنظلة ‌بن ‌صفوان فكذبوهما فسلط الله على العرب بختنصر فنال منهم من القتل والسبي نحو ما نال من بني إسرائيل، وذلك في زمن معدّ بن عدنان، والظاهر أن هؤلاء كانوا قوما صالحين يدعون إلى الخير. والله أعلم " انتهى من "البداية والنهاية" ( 3:253)



فالحاصل؛ أنه لم يثبت وجود نبي باسم حنظلة بن صفوان.




0 Comments

No comments yet.

Leave a Comment

© www.thdarimi.in. All Rights Reserved. Designed by zainso